الغابة وإن كانت مكان يتجمع فيه عدد كبير جداً من الحيوانات المفترسة والأليفة
إلا أن لها شريعة منذ القدم ألا وهى شريعة الغاب..لها قانون ومنطق واحد لم يتغير بمرور الزمن منطق
القوة....القوى يأكل الضعيف.. والمدهش أن جميع الحيوانات متقبلة تلك الشريعة بصدر رحب
لم تحاول أن تغيرها أو تثور عليها.. فلم نر فأراً يقف في وجه الأسد يحاول أن يصارعه
لم نر غزالا يطارد نمرا.. الكل يعلم مقداره ومكانته تمام العلم .. يعلم أين يقف..يعلم من خصمة قبل أن
يهاجمه ويدرس نقاط ضعفه وقوته.. وإذا وجد أن خصمة قوى انسحب في هدوء أو فر هاربا..
ليس للكرامة والكبرياء والشجاعة والتضحية من أجل الغير مكان في الغابة... هناك حياة أو موت لا
ثالث لهما.. تكون صياد أو فريسة..إذا عشت اليوم حمدت الله وابتهلت حتى تطلع عليك شمس الغد..
إذا وقعت فريسة فلن تجد أحدا من بنى جنسك يدافع عنك..سينظروا إليك نظرة شفقه وينطلقوا فارين
خوفا على أنفسهم.. وقد تجد بعضهم يعود لينهش ما تبقى من جثتك...
هناك ملك للغابة وهو الأسد..ليس له نائب أو وزير أو سفير.. ليس له أصدقاء أو حاشية..يفترس من
يريد في اى وقت.. يترك فضلات فريسته بارادتة للجائعين من حيوانات الغابة ...لا ينتهي ملكة إلا
بوفاته أو هزيمته في منازلة مع أسد غيره فقط ومثله تماما.. ليس في شريعة الغاب أن يتولى الفيل أو
الثعلب الملك فهو للأسد فقط ومن غير المنتظر أو المرجو اى تغيير..
إلى أن يشعر هؤلاء بما فيهم من صفات تؤهلهم لمجابهة الأسد والوقوف أمامه دون خوف أو رهبة..
فلو استخدم الفيل قوته البدنية والحمار قدمة في الرفس والثعلب دهائه وحيلته والنمر مخالبه.. سيتغير
الكثير والكثير الكل له نقاط قوة لا يعلمها أو يتجاهلها أو من كثرة الخوف لا يستطيع اخراجها.. هم
لا ينظرون إلا لنقاط ضعفهم فقط..فلو اجتمعوا على رأى واحد فسوف يهزموا الأسد ويغيروا شريعة
الغاب .. ولكن متى يتحقق ذلك... ؟؟؟؟ طالما هم من داخلهم يتملكهم الخوف منه لأنه الأسد فقط
ليس إلا..
وكافة الحيوانات تحاول أن تكسب عطف الأسد وان يشملها برعايته.. يوفر لها الطعام أو بالأصح ما
يتبقى منه من فريسته..كما يوفر لهم الحماية .... فهي أهم شئ في الغابة..وفى سبيل ذلك يغضون
الطرف إذا ما التهم كل فترة فريسة منهم..وفى أحوال كثيرة قد يختارون له هذه الفريسة ويمدحون في
محاسنها.. من لحمها الطيب والشهي..وأنها الأنسب له لالتهامها حاليا..حتى يلهو بتلك الفريسة وينشغل
عنهم لبعض الوقت .. ويأخذوا وقتا للتفكير في الفريسة التالية..والكل منتظر من يقع علية الدور..
يحاول أن يسترضى الأسد ويفعل كل ما يجعله راضيا عنه.. فالكل يوهم نفسه بأنه بذلك لن يصبح
فريسة للأسد... مع انه قد يكون الفريسة القادمة....فكما تحفر لغيرك .. فهو يفعل مثلك.. إنها
شريعة الغاب فلا عجب في ذلك..
وسيظل الأسد أسدا ليس لأنه الأقوى أو الأسرع أو الأجمل أو الأذكى بل لأنهم من جعلوه يستأسد
عليهم.. ينتقل من فريسة لأخرى وستظل الفئران في جحورها ترتعد كلما سمعت زئير الأسد
وستظل القرود تقفز من شجرة لأخرى كالمهرج لا تعلم نهاية ذلك القفز ؟؟؟ ويبقى الحمار- عفواً فهذا
اسمه- بين كل هؤلاء لا يفهم شيئاً مما يجرى حوله .. عاش حماراً.. ومات حماراً..
ف هل طغت شريعة الغاب علي شريعة البشر... مجرد سؤال ؟؟؟؟
ولا أجد أدل من رباعيات صلاح جاهين لختام ما سبق ( وعذراً فهي باللهجة المصرية )